top of page

 

 

 

          دورة التراحم الإلكترونية ٢٠١٥/ ٢٠١٦

الأسبوع الخامس والعشرون

 

مع توم بوند؛

مؤسس ومدير التعليم، مركز نيويورك للتواصل اللاعنفي


 

الفكرة

"عيش حياة حافلة بالتراحم"

قمنا خلال الشهور الخمس الأخيرة بتعريف وبتعلّم مهارات وخطوات يمكن اتخاذها لخلق حياة أكثر تراحمًا. ولكن حتّى مع تعلّم تلك المهارات، أحد أكبر التحديات التي يمكن أن نواجهها هو أن نتذكّر استخدامها؛ فمعظمنا قد تدرّب جيدًا على الإجابات المعتادة لدرجة أننا حتى لو تمكنّا من تطوير مهارات التراحم، قد لا نُحسن استخدامها (راجع الأسبوع ٩).

 

من هنا وجدت أن "الخروج عن المألوف" كان أمرًا هامًا جدًا عليَ القيام به. تمكّنت من تطوير نفسي من خلال القيام بأشياء لم أعتد عليها (راجع الأسبوع ١٨)، ومع المواظبة عليها، تمكّنت من اكتساب خبرات جديدة والدخول في علاقات جديدة، وأخيرًا أن يكون لي حياة جديدة، وكلها أشياء لم يكن من الممكن أن تحدث لي ما لم أخرج عن نطاق المألوف.

 

مع اقترابنا من العام الجديد ومن "علامة منتصف الطريق" لدورة التراحم، أودّ أن أحتفي بنوايانا، وأن يكون هناك تراحم تجاه التحدي الذي قد تمثّله تلك الدورة. مثل أي مغامرة كبيرة، أحيانًا يساعدنا التوقّف والتقاط أنفاسنا ومراجعة ما قمنا به على المضيّ قدمًا.

 

يتعلّق الأسبوع الأول والثاني والثالث والرابع بالمفاهيم الأساسية التي "تُدعّم" تأسيسنا للحياة التراحمية. من خلال خبرتي، تُولّد مراجعة هذه المفاهيم والممارسات، حتئ بعد شهور من التعليم، تعليمًا أعمق. فنجد أن حتى الأبطال الأولمبيين يقومون بتأدية نفس التدريبات التي كانوا يقومون بتأديتها وهم أطفال، والقادة الروحانيين الأكثر خبرة ومهارة يستفيدون من تذكّرهم لإنسانيتهم. والأفكار الأساسية التي تولّد التراحم هي:

 

  • نحن جميعًا نحاول التمتّع بالحياة (تلبية احتياجاتنا)

  • نحن جميعًا نحاول أن نتلافى الألم (تلبية شعورنا)

  • نحن جميعًا نحاول أن نجرّب الحب (نحن بشر)

  • نحن جميعًا جرّبنا الحزن واليأس

  • نحن جميعًا نتعلّم فيما يخص الحياة (نحن جميعًا مستجدّون في هذا المجال)


 

يمكن لهذه التذكرة أن تحافظ على إلهامنا، وأن تمنحنا الدافع والوسيلة الكافيين لخلق أوقات للتراحم والجمال في حياتنا، حتى وإن لم نكن نتوقّعها في بعض الأحيان.

 

تجربة عملية 

"التجربة والساندويتش"

منذ عدة سنوات، عندما كنت أقطن في مانهاتن، كنت أعاني من بعض الصعوبات؛ فكلما كنت أتجوّل وأنتقل من مكان إلى آخر في المدينة، كان دائمًا يُطلَب مني مال، غالبًا من أفراد بلا مأوي. كان الوضع مؤلمًا بالنسبة لي لكي أرفض وأقول "لا"؛ لأني كنت أرغب في مساعدتهم. وفي نفس الوقت، كان يبدو لي أني سوف أفلس في النهاية إذا ما أعطيت مالاً لكل من يطلب مني؛ لذلك قررت أن أقوم بتجربة صغيرة: سوف أعطي مالًا لكل من يطلبه واترقب النتيجة.

 

في إحدى الأمسيات الصيفية خلال تجربتي، قامت إحدي صديقاتي بدعوتي لحضور افتتاح معرض فنّي في الجانب الغربي السفلي من مانهاتن. قبل أن أتحرّك، تذكّرت أن آخذ معي ثمان ورقات، قيمة كل منها دولار لكي أنتقل إلى مكان الاحتفال، وكذلك لإعطاء المال لكل من يسأل.

 

كانت ليلة من تلك الليالي الجميلة؛ فلا فارق بين التواجد بالداخل أو بالخارج. ليلة مريحة وجميلة. مع اقترابنا من المبنى أصبح من الواضح أن هذا الحدث ليس بنزهة، بل حفلة؛ فالفن موجود في كل مكان والموسيقي عالية تتدفّق إلى الشارع كلما فُتح الباب. ومع اقترابي من نقطة اللقاء، رأيت ناسًا يلبسون جميع أنواع الملابس: من البنطلون الجينز وحتى البدل التوكسيدو الباهظة الثمن. ناس ودودون وسعداء وفي حالة استرخاء. كنت أشعر بأنني سأقضي وقتًا ممتعًا.

 

أثناء صعودنا الدرج، تقدّم منا رجل يرتدي ثيابًا رثة ويلتحي بلحية لم يحلقها منذ أيام، وطلب منى أن أعطيه دولارًا أو اثنين. أعطيته دولارين؛ شكرني. واستكملت طريقي إلى داخل المبني.

 

بعد مرور ٣٠ دقيقة من الترحاب واللقاء والتهنئة والضحك والاستماع إلى الموسيقي (والتى كانت بالنسبة لي عالية جدًا)، خرجت من المبني لاستنشاق الهواء. مع خروجي إلى خارج المبني ونزول الدرج، تقدّم منى نفس الرجل الرث الثياب مُكرّرًا طلبه للمرة الثانية، فقلت له أني سبق وأن منحته دولارين، فرد: "آه فعلاً، نسيت. شكرًا".

 

خرجت أتمشّي على الرصيف، ووجدت مكانًا ظريفًا يسمح لي بأن أرتكز على حائط المبني، وأن أشاهد المارّين أمامي. ارتكزت على المبني، وأنا أشاهد هذا الشخص الغريب الذي يقترب من كل المارين الواحد تلو الأخر طالبًا المساعدة دون جدوى.

كان من الواضح أنه بدأ يثور، ومع مرور الوقت علا صوته وبدأ في تغيير نبرته. بعد عدة دقائق من سماع كلمة "لا" الواحدة بعد الأخرى، واجه أحد الشباب المتّجهين إلى الحفل، فرفض الشاب إعطاءه أي مال. "ماذا تعني بلا؟ أنا أطلب دولارًا واحدًا فقط!". أسرع الشاب إلى المبني، بعيدًا عن متناوله. أصبح من الصعب عليّ أن أشاهد ما يحدث. إذا استمرّت الأمور في التصاعد، قد تتدخّل الشرطة بكل سهولة. بدأت أشعر بالتوتر يزداد بداخلي.

 

بعد دقيقة أو أكثر، نظر الرجل تجاهي والتقت عينانا. هززت ذراعي كما لو كنت أقول: "ماذا بوسعك أن تفعل؟ الناس لا ترغب في أن تعطيك مالاً". فجأة توجّه ناحيتي بنظرة وبخطى كلّها تصميم. تحوّل قلقي سريعًا إلى خوف، وهو يقترب مني! كنت أتخيل ما سيحدث فيما بعد.

 

وقف في مواجهتي وهز كتفيه استهجانًا، ذراعيه للخارج وكفيه لأعلى، وبصوت محبط ومرتبك قال لي: "كل هؤلاء الناس جيوبهم مليئة بالمال، وأنا أتضوّر جوعًا، وكل ما أطلبه هو ساندويتشًا". وقفت صامتًا محاولًا التواصل مع ورطته وألمه، ثم تحدّثت بعد لحظات، قائلًا: "كان من الممكن أن يكون الوضع ألطف إذا أظهر هؤلاء الناس اهتمامًا أكبر". بعد بضع لحظات، رد علي في صوت أهدأ: "نعم ... كان من الجائز".

 

بدا في هذه اللحظة أكثر استرخاءً. تحرّك من أمامي ولفّ وارتكز على المبني بالقرب مني، وهو يواجه الشارع. بقينا على هذا الوضع مُعلّقين في تلك اللحظة، نشاهد العالم يتحرّك بينما تتدفق الموسيقى بهدوء وسخرية حولنا. في صوت بدا مستسلمًا ويائسًا، تابع حديثه قائلًا: "كل ما أريده هو ساندويتش... ساندويتش مع بعض الخس ... والطماطم... والمايونيز... وبعض الملح والفلفل". لم أجد أي كلمات لأقولها. كنا نرتكز هناك معًا. في اللحظات التالية، لم أكن أفكر إلا في شيء واحد فقط: كيف أحضر لصديقي الجديد ساندويتشًا؟. وضعت يدي في جيبي وسحبت ورقة بعشرة دولارات ووضعتها في يده قائلًا: "ها هي، تمتّع بالساندويتش".

 

مع تحوّل بصره من يدينا إلى عينَي، تغيّرت ملامحه من عدم التصديق إلى المفاجئة، وفرح فرحة عارمة كأنه فاز في اليانصيب. وثب في اتجاهي واضعًا رأسه على صدري في عناق كاد أن يطرحني أرضًا، وقال: "شكرًا لك، شكرًا جزيلاً! هذا رائع!". توجّه ناحية الشارع ثم استدار عائدًا ومد يده لمصافحتي. أثناء تبادلنا التحية قال: "أتشرف بمقابلتك، اسمي توماس". أجبته: "وأنا أيضًا". ضحكنا سويًا ثم انصرف لشراء الساندويتش... ساندويتش بالخس والطماطم والمايونيز والملح والفلفل.

 

أثناء عودتي سيرًا إلى منزلي، أدركت كم نحن جميعًا متماثلين بشكل لا يُصدّق! قطعت على نفسي عهدًا بألاَ أنسي ذلك بقدر الإمكان. أدركت أيضًا أن تجربتي الصغيرة كانت ناجحة

 

لا زال هناك المزيد لنتعلّمه كلّما تقدمنا في دورة التراحم ...

 

تدريبات هذا الأسبوع

التدريب # ١ – مراجعة وتجديد – عُد إلى الأسابيع من ١ إلى ٤ واختر ممارستيْن أو ثلاثًا وجدّد ممارستها.

اضغط هنا للأسبوع الأول

اضغط هنا للأسبوع الثاني

اضغط هنا للأسبوع الثالث

اضغط هنا للأسبوع الرابع

 

التدريب # ٢ – دعونا نلهم بعضنا البعض – انضمّ إلينا أو اكتب في مجموعة الفيس بوك (الوقت ليس متأخرًا). شارك بأي قصص أو تجارب مررت بها في حياتك التراحمية.

 

موارد المجتمع

تسجيل المكالمات

 

مواعيد المكالمات الشهرية: اكتوبر ٢١- نوفمبر ١٨- ديسمبر ١٦ - يناير٢٠ - فبراير ١٧- مارس ١٦- ابريل ٢٠ - مايو ١٨ - يونيو ١٥ - يوليو ٢٠ - اغسطس ١٧ - سبتمبر ٢١

 

للتبرع 

جميع العاملين على دورة التراحم باللغة العربية هم متطوعون بوقتهم و مجهوداتهم حتى نستطيع تقديم الدورة مجانا لكل من يرغب. ولكننا لا نستطيع تغطية نفقات الدورة واستمرار ادارتها وتقديمها للآخرين في جميع أنحاء العالم بدون تبرعاتكم. أي مبلغ ولو بسيط يساعدنا بشكل كبير على البقاء واستمرار الخدمات، حيث أن نشاطنا قائم على التبرعات. للتبرع بأي مبلغ اضغط هنا.

 

مراجع الصفحات والتدريبات

تدريب "التحول نحو التراحم"

قائمتي المشاعر والاحتياجات

 

الدروس السابقة

الأسبوع الأول، الأسبوع الثاني، الأسبوع الثالث، الأسبوع الرابع، الأسبوع الخامس،  الأسبوع السادس،  الأسبوع السابع، الأسبوع الثامن، الأسبوع التاسع، الأسبوع العاشر،  الأسبوع الحادي عشر، 

الأسبوع الثاني عشر، الأسبوع الثالث عشر، الأسبوع الرابع عشر، الأسبوع الخامس عشر، الأسبوع السادس عشر، 

الأسبوع السابع عشر، الأسبوع  الثامن عشر، الأسبوع التاسع عشر، الأسبوع العشرون، الأسبوع الحادي والعشرون، الأسبوع الثاني والعشرون،  الأسبوع الثالث والعشرون، الأسبوع الرابع والعشرون، الأسبوع الخامس والعشرون 

مجموعة الفيسبوك

 

 

للاتصال: arabic_coordinator@nycnvc.org

 

حقوق النشر محفوظة – توم بوند ٢٠١٦

 

bottom of page