top of page

 

 

 

 

دورة التراحم الإلكترونية ٢٠١٥

الأسبوع الثاني عشر

 

مع توم بوند؛

مؤسس ومدير التعليم، مركز نيويورك للتواصل اللاعنفي


 

الفكرة 

"تمهَّل"
تخيّل أنك بدأت في دراسة لغة جديدة، كاللغة الصينية الشمالية، ثم تخيّل أنه قد طُلب منك المشاركة فى مناظرة بهذه اللغة بعد مجرّد أسابيع قليلة من بداية دراستك لها؛ ألن يكون هذا أمرًا صعبًا؟ بل ربما مستحيلاً؟

 

تخيّل بعدها أنه أثناء المناظرة تم إعطاؤك الوقت الكافي لترجمة ما سمعته، وعمل بعض الأبحاث حول ما ترغب في التعبير عنه، والتمرّن على ما ستقوله، وبعدها تتكلم... سيكون هذا قابلاً للتطبيق أكثر؛ أليس كذلك؟

أجد أن هذا هو القياس المثالي للعمل الذي نقوم به في هذه الدورة، فلغة التعاطف هى وسيلة جديدة للتفكير والكلام؛ فهل من المنطقي إبطاؤها؟ إنه منطقي بالنسبة لي.

 

هناك مقولة تقول: "خذ الوقت لتشم الزهور". فى سعينا نحو حياة مليئة بالتراحم، يمكننا تغيير هذا إلى: "خذ الوقت لتحس بالمشاعر".

 

إن عقولنا سريعة ومدهشة حقًا، وهى بمثابة حاسب آلي بيولوجي خارق. أنا أطلق على عقلي لقب "مازيراتي"؛ وهو -نوع سيارات رياضية سريعة.- إذا ما امتلكت واحدة، سيكون من الصعب عليّ تركها فى الجراج؛ على الأرجح سأخرج وأقودها.

 

أحيانًا نفعل نفس الشيء مع عقولنا، فهى تجيد ما تفعله، ونحن نحب استخدامها، إلا أنها تجعلنا نجد صعوبة في أن نتمهل بالقدر الكافي لفعل شيء آخر... مثل الإحساس بمشاعرنا، أو ربط مشاعرنا بإحتياجاتنا، أو التساؤل عما يشعر به الآخرون أو يحتاجونه.

 

لهذا، علينا أن نمنح أنفسنا هبة الوقت والمساحة حتى نحصل على هبة التراحم، هذا صحيح خصوصًا فى بداية تمرُّسنا، كما هو الحال مع تعلّم لغة جديدة؛ وهى لغة التراحم في حالتنا.

تخيل أنك تقود سيارة بسرعة ١٠٠ ميل فى الساعة، متّجهًا إلى حائط حجري، هل سيكون لديك أى رغبة فى الخروج من السيارة، أو إبطائها وسلوك طريق آخر؟

 

بالنسبة لي، عندما أشعر بالتحفز أو الغضب - خاصة مع من أهتم لأمرهم - أشعر بأن هذا ما يحدث لي بالضبط. وعندما لا أغادر أو أتمهل، فإنني دائمًا ما أندم؛ لهذا تعلمت التمهُّل.

 

تمهَّل

 

عندما أستطيع أن أوقف تفاعلاً أمرّ به أو أن أبطئه، أقوم بخلق الوقت والمساحة الكافيين لإيجاد التراحم بداخلي، وإتاحة الفرصة لممارسة ما درسناه سويًا فى هذه الدورة؛ هكذا يكون بإمكاني أن أتساءل: "ما هذا؟"، "ما الذى أشعر به؟"، "ما الذي أرغب في تجربته الآن ولا أفعل؟". هكذا، وبمرور الوقت، أغدو قادرًا على الوصول إلى ما يدور بداخلي، والبدء في التساؤل عمّا يدور بداخل الشخص الآخر، وبالتالي أصبح أكثر تراحمًا.

 

لقد تعلمت أن إيقاف مناقشةٍ أو جدالٍ ما هو من أعظم المنح التى يمكن أن أعطيها لنفسي ولمن حولي، ليس على طريقة: "فلتذهب إلى الجحيم! سأغادر!"، و لكن على طريقة: "أشعر بالغضب الآن، وتواصُلنا يعني لي الكثير؛ لذا أحتاج بعض المساحة للتفكير فيما أقول".

 

أدرك أن التمهّل ليس سهلاً، ولكنه بالتأكيد أسهل من المشاركة فى مناظرة باللغة الصينية الشمالية، وأقل إيلامًا من القيادة بسرعة ١٠٠ ميل فى الساعة نحو حائط حجري.

 

لازال هناك المزيد لنتعلمه كلما تقدمنا في دورة التراحم…

 

تجربة عملية

"التمهّل من أجل المضيّ قدمًا"

قبل دراستي للتعايش التراحمي، كنت معتادًا على الدخول مع ابني فى سجالات حادة. عندما كنا نختلف حول شيء ما، كنا نتبادل الصراخ، وعادةً ما كان يؤدّي هذا إلى تراكمات، وإلى عدم تواصل يشوبه الغضب والألم.

 

بعد عدة شهور من دراستي مع معلّمي مارشال روزنبرغ، تمنّيت تغيير هذه العادة. حاولت جاهدًا أن أتوصّل إلى الكلمات المناسبة للحصول على تواصل أفضل، إلا أنني لم أستطع؛ فكلّما حاولت أن أظهر تعاطفي أبدو مصطنعًا وغير صادق؛ إذ إن الغضب وأفكار "يجب ولا يجب" كانا لا يزالا يسيطران عليّ.

 

حينها، أدركت أنني بحاجة إلى مزيد من الوقت للاستيعاب.

 

كنت أقرأ في تلك الفترة كتابًا عن الغضب بعنوان "الذكاء العاطفي" للكاتب دانيال جولمان، يشرح فيه كيف أن جسمنا يفرز موادًا كيميائية معيّنة عندما نغضب، يزداد إفرازها كلما ازداد غضبنا، حتى أن لحظة واحدة من الغضب تفرز كمية تكفي لعشرين دقيقة. وقد تبيّن أن هذه المركبات الكيميائية تقلّل من قدرتنا على التفكير، وفى نفس الوقت تزيد من قدرتنا على القيام بأي فعل... ليست بالتركيبة الجيّدة عند محاولة استخدام لغة جديدة فى خضمّ اللحظة.

 

قرّرت في ذلك الوقت أن عندما أشعر بالغضب ألتزم بخَلق وقتٍ ومساحةٍ للتعافي من تضاؤل قدرتي الداخلية على التفكير؛ وذلك بالتمهّل لمدة ٢٠ دقيقة على الأقل بعد "نوبة الغضب" التي تنتابني. فى المرة التالية التي اختلفنا فيها أنا وابني، حدث الآتي:

 

أنا: "كولين، أنا لا أريد التحدّث بهذه الطريقة بعد الآن. أنا بحاجة لبعض الوقت لاستجماع نفسي. سأكون مستعدًا للمحاولة ثانيةً بعد ٢٠ دقيقة".

 

ردّ كولين: "هذا كلام سخيف"، وغادر الغرفة غاضبًا. فى الوقت الذى غادر فيه أظهرت لنفسي تعاطفًا، وتساءلت عمّا كان يشعر به كولين ويحتاجه أيضاً. بتمهّل وحذر تمكنت من الاكتشاف.

 

عاد كولين بعد ٢٠ دقيقة. بدأنا فى الحديث، وفى خلال ثلاثين ثانية بدأنا فى الصياح مجددًا. توقّفت قائلاً: "كولين، أنا حقّا لا أريد التحدّث بهذه الطريقة، أنا بجاحة لـ٢٠ دقيقة أخرى".

 

غادر مجددًا وهو ينظر إليَّ بمزيج من عدم التصديق والإحباط. منحت نفسي مزيدًا من التعاطف والتواصل، وحاولت تخيُّل ما أرغب في أن تكون عليه حياتي في أوقاتٍ كهذه. استمرّيت فى التركيز على نفسي وتخُّيل الحاجة إلى الانسجام والتفاهم والتواصل.

 

عاد كولين في محاولة جديدة، وللمرة الثالثة بدأنا فى الصراخ؛ فطلبت ٢٠ دقيقة أخرى. هذه المرة قال لي كولين: "لن أعود مرة أخرى"، ثم غادر الغرفة، وأغلق الباب بعنف.

 

جلست وحدي متسائلاً: "هل ستفلح هذه الطريقة أبدًا؟". تشكّكت فى نفسي، وفى إمكانية الحصول على علاقة جديدة مع إبني. كافحت مثل رجل يقاوم الغرق ويتعلّق بصخرة، مقاومًا أي فعل آخر عدا التعاطف مع الذات ومع الآخر.

 

لدهشتي بعدها بـ٢٠ دقيقة عاد كولين مجدّدًا. هذه المرة "تمالكنا أنفسنا"، ونجحنا فى خوض حوار به قدر من التواصل. لم يكن الحوار مثاليًّا، ولم يكن سهلاً كذلك، ومع ذلك فقد نجح. لقد استطعنا الكف عن الصراخ والشجار.

كانت لحظة فارقة فى علاقتنا سويًّا. نعم مررنا بعدها ببعض الخلافات، لكننا بشكل عام حافظنا على مسارنا، وغيّرنا الطريقة التي نتعامل بها سويًا إلى اليوم، بعد ١٢ عامًا.

 

لقد أدركت لاحقًا أن "التمهّل" هو ما أحدث فرقًا؛ فهو كصعود درجات السلّم. تقودنا كل درجة إلى التالية؛ إلى المكان الذى نستطيع أن نعيش فيه بطريقة أكثر تعبيرًا عن التراحم الذي طالما كان حبيسًا بداخلنا، في انتظار أن يخرج ليصير جزءًا من حياتنا.

 

تدريبات هذا الأسبوع

تدريب #١ – جِد لحظتك – فكّر فى "إشارة" تستطيع أن تعطيها لنفسك عندما تبدأ فى الشعور بالغضب... في طريقة تمنح بها نفسك مساحة لتتساءل: "ما الذى يحدث؟"، ولتلاحظ ما يشعر به جسدك بالإضافة إلى التوتر. أو كذلك الأفكار التي تتبادر إلى ذهنك فى اللحظات التى توشك فيها أن "تفقد أعصابك".

 

قد ترغب في تدوين تجاربك كطريقة لاسترجاع وعيك وتعميقه.

 

فكّر فى رسالة أو جملة يمكنك أن تقولها لنفسك لتساعدك على الابتعاد عن الغضب؛ ومن ثَمّ إيجاد طريقك إلى التراحم والفكر التعاطفي والوعي.

 

يمكنك استخدام كلمات مثل: "ما هذا؟" أو "هذا لا يفلح"، أو "هذه إحدى تلك اللحظات"، أو أي شيء آخر ينفع معك. الغرض من ذلك هو إعطاء الإشارة لنفسك للانتقال إلى الفهم التراحمي مع ذاتك، ومع غيرك.

 

تدريب # ٢ – جِد كلماتك – تخيل ما ستقوله لأحدٍ ما عندما تدرك هذه اللحظة. كيف ستتمهل فى المناقشة وتخلق الوقت والمساحة الأساسيين للتواصل مع التراحم الذى ينتظر بداخلك؟

 

مثال:

"أنا حقًا لا أريد التحدث بهذه الطريقة، أنا بحاجة لبعض الوقت".

"أنا مستاء جدًا، ولا أريد التفوُّه بكلام قد أندم عليه؛ لذا سوف آخذ بعض الوقت لأستجمع أفكاري".

"أنا أحبك كثيرًا، ولا أريد التحدّث بهذه الطريقة. أنا بحاجة لبعض الوقت كي أفكر".

"لا أستطيع التفكير فى طريقة للرد قد تساعدنا الآن. أنا بحاجة لمهلة. لنعاود الحديث حين أستعيد توازني".

 

ملاحظات:

لا تطلب، بل قل. إذا طلبنا الإذن، من المرجّح أننا لن نحصل عليه؛ فغالبًا ما يشجّع الطرف الآخر على الاستمرار فى المناقشة. إن إيجاد المساحة والوقت اللذَين نحتاجهما يتطلّب حلًا تراحميًّا، وهو شيء صعب خاصةً فى البداية.

تمرّن قليلاً قبل خوض النقاش حتى تحصل على الكلمات التي تحتاجها. اجعلها كلماتك، متذكرًا أنك تستخدمها بغرض خلق التراحم والتواصل. اشرح هذا للآخرين؛ قد يشكرونك فيما بعد.

 

دع الطرف الآخر يعرف أنك ترغب في المواصلة فيما بعد. يمكنك أن تحدّد وقتًا آخر لإعادة التواصل. تذكّر أن "لاحقًا" قد تعني "أبدًا" بالنسبة للطرف الآخر. 

 

موارد المجتمع

تسجيل المكالمات 

 

رابط المكالمة الشهرية: ١٦ ديسمبر ٢٠١٥

 

برجاء الضغط على:

“Dial in via our VoIP Dialer”

ثم ادخال الآتي:
 

Conference call dial in number: (605) 562-3140

Dial in code: 746962

 

لو لديك ميكروفون سيمكنك ان تطرح أسئلة (اختياري)

 

برجاء التأكد من تنزيل برنامج فلاش

 

اذا تريد توضيح اكثر شاهد هذا الفيديو

 

مواعيد المكالمات الشهرية: اكتوبر ٢١- نوفمبر ١٨- ديسمبر ١٦ - يناير٢٠ - فبراير ١٧- مارس ١٦- ابريل ٢٠ - مايو ١٨ - يونيو ١٥ - يوليو ٢٠ - اغسطس ١٧ - سبتمبر ٢١

 

للتبرع 

جميع العاملين على دورة التراحم باللغة العربية هم متطوعون بوقتهم و مجهوداتهم حتى نستطيع تقديم الدورة مجانا لكل من يرغب. ولكننا لا نستطيع تغطية نفقات الدورة واستمرار ادارتها وتقديمها للآخرين في جميع أنحاء العالم بدون تبرعاتكم. أي مبلغ ولو بسيط يساعدنا بشكل كبير على البقاء واستمرار الخدمات، حيث أن نشاطنا قائم على التبرعات. للتبرع بأي مبلغ اضغط هنا.

 

مراجع الصفحات والتدريبات

تدريب "التحول نحو التراحم"

قائمتي المشاعر والاحتياجات

الدروس السابقة

الأسبوع الأول، الأسبوع الثاني، الأسبوع الثالث، الأسبوع الرابع، الأسبوع الخامس،  الأسبوع السادس،  الأسبوع السابع، الأسبوع الثامن، الأسبوع التاسع، الأسبوع العاشر،  الأسبوع الحادي عشر، الأسبوع الثاني عشر

مجموعة الفيسبوك

 

 

للاتصال: arabic_coordinator@nycnvc.org

 

حقوق النشر محفوظة – توم بوند ٢٠١٥

 

bottom of page