دورة التراحم الإلكترونية ٢٠١٥
الأسبوع السابع عشر
مع توم بوند؛
مؤسس ومدير التعليم، مركز نيويورك للتواصل اللاعنفي
الفكرة
"الاستخدام التراحمي للقوة"
"الحماية مقابل العقاب"
هناك سؤال يطرح نفسه في كثير من الأحيان عندما نبدأ في دراسة وممارسة التراحم؛ ألا وهو: ماذا نفعل عندما نواجه أفعالاً غير ناتجة عن الكلمات والعقلانية؟ ماذا نفعل عندما يقوم شخص ما بتصرّف يضرّني أو يضرّ شخصًا آخر أو يضرّ نفسه؟ هل نكتفي فقط بالمشاهدة؟ هل نتعاطف معهم؟ كيف نتعامل مع هذا الأمر؟ كيف حقًا؟
إذا هاجمك شخص ما بسكين، هل ستخاطبه قائلاً: "أراك قادمًا نحوي بسكين وأشعر بالخوف، وأودّ أن أشعر بمزيد من الأمن والسلامة في الوقت الراهن، وأستطيع أن أخمّن أنّك مضغوط بشدّة وتحتاج إلى قدر من التعبير عن ذاتك. هل أنت على استعداد لاستخدام وسائل أخرى تعبّر بها عن نفسك؟"
بالطبع لا!
قطعًا ستحاول الإمساك بيده وإبعاد السلاح. والسؤال هو: ما الذي يدور بداخلك عندما تفعل هذا؟
الاستخدام العقابي في مقابل الاستخدام التراحمي للقوة
لقد تربّى معظمنا على استخدام القوة العقابية؛ والتي نسعى من خلالها إلى تسخير طاقتنا وتفكيرنا لتغيير السلوك بالعقاب والغضب والأفعال الخاطئة وغيرها من أشكال الحكم. في هذا الوضع، نحن "لا" نتواصل مع احتياجاتنا أو قيمنا. هذا النمط من استخدام القوة هو السائد اليوم في العديد من الثقافات، بدءًا من الطريقة التي نعامل بها أطفالنا، وصولًا إلى طريقتنا في التعامل مع الجريمة والدخول في حرب.
دعونا نفكّر على سبيل المثال، كيف نتعامل مع صبي عمره ٣ أعوام يجري إلى الشارع؟ عند استخدام القوة العقابية، قد نمسك بقوّة بالطفل، ونقول: "فتى سيء! أنا غاضب منك حقًا! ليس من المفترض بك أن تذهب إلى الشارع! سوف ألقّنك درسًا وأضعك في روضة الأطفال لتظلّ هناك طوال فترة الظهيرة". لقد تعلّم هنا الصبي ذو الثلاثة أعوام أنه "سيّء". لقد رأى غضب الكبير وسمع حكمه عليه، وتعلّم أنه لا يجب عليه الجري إلى الشارع عندما يكون البالغون حوله.
عند استخدام القوة بغرض الحماية، قد نمسك الطفل بقوة كذلك، ولكن هذه المرة يمكننا أن نقول: "يا إلهي! كان ذلك مرعبًا. كنت أخشى أن تصدمك إحدى السيارات التي تمر هناك! سوف أصطحبك إلى روضة الأطفال ظهرًا حتى أتمكّن من الاسترخاء واطمئن أنّك في أمان".
في هذا المثال، لم يرتكب الطفل أي "خطأ". نحن لا نسعى لمعاقبته على أفعاله. بل نحن في هذه الحالة نستجيب لقيَمنا من أجل أمانه. لقد تعلّم في هذا السيناريو أننا نهتم لأمره وأن الشارع خطر. في هذه الحالة، يسلّط "استخدام القوة بغرض الحماية" الضوء على الاحتياجات التي ينتج عنها سلوكنا، في حين أن استخدام "القوة العقابية" لا يفعل ذلك.
هذا تمييز مهم على الصعيد الاجتماعي أيضًا، بالنظر إلى كيفية عمل معظم نظم العدالة الجنائية في مجتمعاتنا. على سبيل المثال، إذا أخذ شخص شيئاً لا يخصّه، عادةً ما نعاقبه بوضعه في السجن؛ وهذا يجعل الأشخاص المدانين يواجهون صعوبة في أن يحصلوا على وظيفة (وينعموا بالأمن المالي) عند خروجهم. هذا في المقابل يجعلهم على الأرجح يشعرون بأنهم مجبرون على تكرار هذا الفعل في دائرة لا تنتهي. هذه الاستراتيجيات العقابية لا تعالج المشكلة (الاحتياجات غير المُلباة)، بل هي غالبًا ما تجعل الأمور أسوأ.
في "استخدام القوة بغرض الحماية"، نحن نعالج الاحتياجات التي كان الشخص يحاول تلبيتها، بالرغم من أننا قد لا نرضى عن طريقة فعلهم لذلك. هذا هو الحال في "محاكم العدالة التصالحية"، والتي يبلغ عددها حوالي ١٢ في الولايات المتحدة. في هذه المحاكم، كثيرًا ما يُعرض على المُدانين عملاً تدريبيًّا كبديل للسجن. قد يكون "الحكم" على سبيل المثال تعلّم مهارات إصلاح الكمبيوتر، أو برنامج معالجة النصوص. هذا يتيح للناس الّذين خرقوا القانون فرصةً أفضل لتلبية احتياجاتهم بوسائل أقل تكلفة لأنفسهم ولمن حولهم.
هذا التمييز بين "استخدام القوة بغرض الحماية" و"استخدام القوّة بغرض العقاب" يخلق طريقة جديدة لجلب التراحم والرعاية في حياتنا ومجتمعاتنا حين يفعل الناس أشياءً لا تعجبنا. عندما نتمكّن من الانتقال من الحكم والكراهية إلى الوعي بأننا جميعًا نحاول تلبية احتياجاتنا، يمكننا أن نعيش في عالم أكثر تراحمًا، وأن نحمي حياتنا وحياة الآخرين في نفس الوقت.
لازال هناك المزيد لنتعلمه كلّما تقدّمنا في دورة التراحم...
تجربة عملية
"حماية مُتعلّقاتي في الحديقة"
منذ عدّة سنوات -بعد أن بدأت دراسة وممارسة العيش التراحمي- كنت في طريقي للمنزل بعد التدريب عبر سنترال بارك في مدينة نيويورك. بينما كنت أسير في منطقة شجريّة بجوار بركة التجديف، جرى شاب بجواري وأمسك بحقيبتي المعلّقة بكتفي، والتي كانت تحوي الكمبيوتر المحمول الخاص بي وأجندة اليوميات ومحفظتي وأشياء أخرى ثمينة جدًا.
كان رد فعلي سريعًا كالبرق، إذ تمكّنت من التقاط حزام الكتف قبل أن يتمكّن من الهرب بأشيائي. فجأة، وجدت نفسي في حالة "صراع عنيف" مع هذا الشاب للاحتفاظ بحقيبتي.
الخوف والقوة كانا يسريان في جسدي بينما أشدّ وأسحب بكل ما أوتيت من قوة. كنت مصمّماً على عدم التخلّي عن حقيبتي، واصلت النضال ونحن في هذا الوضع من الشدّ والجذب، كانت عينانا قلّما تلتقي. فجأة، استسلم الفتى. تخلّى عن حقيبتي وفرّ.
وقفت في مكاني أرتعش. كنت في حالة صدمة انتهت سريعًا كما بدأت. كان جسدي يفيض بالأدرينالين. بالكاد كنت أصدق ما حدث للتو. ثمّ لاحظت شيئاً.
لم أكن غاضبًا. كنت مستاءً جدًا... ولكنّي لم أكره هذا الشخص الذي حاول سرقة ممتلكاتي الثمينة. نعم، انتابتني الفوضى... إلا أنني لم أشعر بسوء نية تجاه هذا الشخص. على الرغم من أنني كنت مصمّمًا على منعه من أخذ حقيبتي، أدركت أنه ليس عليّ أن أكرهه لمحاولته سرقتها. أردت فقط أن أمنعه. في مكان ما بداخلي، كنت أعرف أنه يشعر أن هذا ما يحتاج القيام به. لم أكن أعرف الأسباب، ولكن كنت أعلم في تلك اللحظة، أن هذا كان الطريق الوحيد الذي استطاع أن يفكّر فيه لتلبية احتياجاته.
لقد أدهشته وأدهشت نفسي في ذلك اليوم؛ إذ كنت قادرًا على حماية نفسي بقوة، دون كراهية ودون فقدان للتواصل... ببساطة من خلال رغبتي في الاعتناء بنفسي. لقد نجحت في الاستخدام الحماية بغرض القوة وأيضًا في الاستخدام التراحمي للقوة. تلك الليلة نمت جيدًا.
تدريبات هذا الأسبوع
تدريب #١- استخدام القوّة مرّة أخرى – فكّر في موقف استخدمت فيه القوّة العقابية. تخيّل كيف كان يمكنك التعامل مع الموقف باستخدام القوّة بغرض"الحماية".
تدريب #٢ - جرّب شيئًا جديدًا – في المرة القادمة عندما تعتقد أنك بحاجة إلى "معاقبة" شخص ما، فكّر فيما تحاول تحقيقه؛ ما الذي تحاول "حمايته"؟ لاحظ ما إذا كان يمكنك التفكير في طريقة ما لفعل ذلك دون أن تشعر بغضب في قلبك. فكر في مشاركة قصتك على مجموعة الفيس بوك.
موارد المجتمع
رابط المكالمة الشهرية: ٢٠ يناير ٢٠١٥
برجاء الضغط على:
“Dial in via our VoIP Dialer”
ثم ادخال الآتي:
Conference call dial in number: (605) 562-3140
Dial in code: 746962
لو لديك ميكروفون سيمكنك ان تطرح أسئلة (اختياري)
برجاء التأكد من تنزيل برنامج فلاش
اذا تريد توضيح اكثر شاهد هذا الفيديو
مواعيد المكالمات الشهرية: اكتوبر ٢١- نوفمبر ١٨- ديسمبر ١٦ - يناير٢٠ - فبراير ١٧- مارس ١٦- ابريل ٢٠ - مايو ١٨ - يونيو ١٥ - يوليو ٢٠ - اغسطس ١٧ - سبتمبر ٢١
للتبرع
جميع العاملين على دورة التراحم باللغة العربية هم متطوعون بوقتهم و مجهوداتهم حتى نستطيع تقديم الدورة مجانا لكل من يرغب. ولكننا لا نستطيع تغطية نفقات الدورة واستمرار ادارتها وتقديمها للآخرين في جميع أنحاء العالم بدون تبرعاتكم. أي مبلغ ولو بسيط يساعدنا بشكل كبير على البقاء واستمرار الخدمات، حيث أن نشاطنا قائم على التبرعات. للتبرع بأي مبلغ اضغط هنا.
مراجع الصفحات والتدريبات
الدروس السابقة
الأسبوع الأول، الأسبوع الثاني، الأسبوع الثالث، الأسبوع الرابع، الأسبوع الخامس، الأسبوع السادس، الأسبوع السابع، الأسبوع الثامن، الأسبوع التاسع، الأسبوع العاشر، الأسبوع الحادي عشر، الأسبوع الثاني عشر، الأسبوع الثالث عشر، الأسبوع الرابع عشر، الأسبوع الخامس عشر، الأسبوع السادس عشر، الأسبوع السابع عشر
للاتصال: arabic_coordinator@nycnvc.org
حقوق النشر محفوظة – توم بوند ٢٠١٥