top of page

 

 

 

          دورة التراحم الإلكترونية ٢٠١٥/ ٢٠١٦

الأسبوع السابع والعشرون

 

مع توم بوند؛

مؤسس ومدير التعليم، مركز نيويورك للتواصل اللاعنفي


 

الفكرة

"التواصل مع طاقة الحياة"

"المشاعر والاحتياجات كالرياح... لا نستطيع أن نراها، نستطيع فقط الاحساس بها وبآثارها".

فى الأسابيع الماضية ناقشنا ومارسنا كيفية تحديد مشاعرنا واحتياجاتنا وتسميتها. فى المراحل المبكرة من ممارسة العيش التراحمي، قد يكون هذا صعبًا، بل ومربكًا. أذكر فى بداية تعلمي في السنوات الأولى أنني كنت أشعر بأن شيئًا ما ينقصني، بالرغم من قدرتي على تسمية مشاعري واحتياجاتي. ومع ان "تحديد وتسمية مشاعري واحتياجاتي" قد أحدث فرقا معي ولكنه لم يكن له اثر كبير.

 

لقد كان "التواصل العميق" مع تلك الطاقات هو ما ينقصني. أجد هذا الأمر، حين أفكر فيه، منطقيًا للغاية؛ إذ كنت أظن (ككثير من الناس) أن المشاعر شيء يجب تفاديه، شيء لا هدف له ولا يمثّل إلا مصدرًا للألم لا أكثر (انظر الأسبوع ٣). كنت أعتقد أيضًا أن الاحتياجات شيء "سيء"، وأنني "متطلب" أو "أناني" إذا أوليت اهتمامًا لاحتياجاتي. لذا، عندما كنت أحددهم كنت أشعر أحيانًا بالخوف والخجل .

 

لقد بدا لي أنني أشعر بهم، بغض النظر عن أسلوبي تجاه مشاعري واحتياجاتي... فهم مثل الطقس، تشكل جزءًا من حياتي... بل هم الحياة نفسها؛ ففي النهاية، ماذا نطلق على من هو بدون احتياجات؟ ميت. لهذا، مادمت حيًا، من المنطقي بالنسبة لي أن أفهمهم وأعتنقهم.

 

الشعور بالمشاعر

على الرغم من أن الشعور بمشاعري كان يبدو فى البداية "إغراقًا" أو "إشفاقًا" على الذات، أدركت أن التفكير بهذه الطريقة كان أسلوبي فى تجنب مشاعري لأشعر بالرضا عن نفسي. انظر (الأسبوع الثالث والسابع).
 

بالممارسة، اكتشفت أن شعوري بمشاعري من شأنه "تفعيل" إدراكي لاحتياجاتي بشكل أعمق وأكثر فائدة وفاعلية. قد لا يبدو هذا منطقيًا من اللمحة الأولى (خاصة فى ضوء ما مر به معظمنا من تجربة مع مشاعره). إذا كنت على استعداد لـ"الذهاب لهذا المكان" وتجربة أن تكون "مع" مشاعرك لبعض الوقت، أشك أنك ستكون سعيدًا بما سيحدث. أذكر فى إحدى المرات، أثناء تدريبنا الجماعي الأسبوعي، أننا خصصنا سويًا وقتًا للشعور بمشاعرنا فحسب (انظر تدريبات الأسبوع السابع). فى الأسبوع التالي، مر كل فرد فى المجموعة تقريبًا بـ"تجربة مؤثرة" بطريقة أو بأخرى. كان "أسبوعًا حافلاً" بالنسبة لنا جميعًا.

 

الحداد

إن الشعور بالمشاعر عن وعي من تجربتي يعد احياناً  تحدي ومجزي وقد يقودني حتمًا إلى علاقة أعمق مع احتياجاتي التي تثيرها. إذا شعرت بالحزن ، وأنا واعي باحتياجاتي (فى حال عدم تلبية احتياجاتي) يعد مختلف جداً عن شعوري بالحزن ، وأنا غير واعي باحتياجاتي (حتى إذا لم يتم تلبيتها). أما إذا ظللت على تواصل مع حزني في ضوء احتياجاتي  سأستطيع أن أظل على تواصل معها. هذه العملية، أو مهارة "الوعي باحتياج الحداد"، تسمح لي بأن أكون على تواصل أكبر مع نفسي وطاقة حياتي ومع الآخرين، حتى عندما لا تكون احتياجاتي مُشبَعة... ولنكن واقعيين؛ احتياجاتنا لا يتم تلبيتها دائمًا.
 

التجسيد

كما ذكرت من قبل، الاحتياجات مثل الرياح... لا نستطيع أن نراها، فكيف نتواصل معها إذًا؟ أعرف ثلاث طرق للقيام بذلك:

التذكّر: عندما نذكر وقتًا أو أوقاتًا فى حياتنا تم فيها تلبية احتياجاتنا، نستطيع التواصل مع تجربتنا معها؛ أي يمكننا تذكّر ما حدث: كيف كان شعورنا، وكيف هو الاحساس باسترجاع هذه اللحظات. يمكننا أيضًا التواصل مع الطاقة والتجربة، أو الأحداث التى أدّت إلى تلبية احتياجاتنا، وما هو الإحساس حينها.
 

التقدير (انظر الأسبوع٢٠ و ٢١): عندما نقدّر (أو نلاحظ) في لحظة ما تلبية احتياجاتنا، نستطيع "الشعور" بتلبية هذا الاحتياج. لاحظ تنفسك الآن: كل بضعة ثواني يوجد احتياج يتم تلبيته. ضع يدك على قلبك: لاحظ دقات قلبك وتدفق الدماء فيه. إن جسدك يدعم حياتك... الآن.

 

التخيل: تلك الممارسة شديدة الفاعلية بالنسبة لي، من حيث قدرتي على ابتكار "حياة أكثر روعة". عندما أتخيل أن احتياجاتي قد تم تلبيتها، يتجه عقلي (خيالي) نحو شراكة مع طاقة حياتي. حين أتخيل أن احتياجاتي قد تم تلبيتها، أفكر بصورة تلقائية فى طرق لتلبيتها (كالاستراتيجيات والطلبات على سبيل المثال).

 

ممارسة "الوصول"

إن التذكّر والتقدير والتخيّل أشياء يمكننا ممارستها؛ فهى مثل العضلات التى يمكننا تنميتها مع الوقت لمنح أنفسنا تجربة أكثر تراحمًا وعمقًا مع من حولنا... بدءًا من أصدقائنا، ومرورًا بأعدائنا، إلى عائلتنا وأنفسنا وحتى البطانية أو كوب الماء.
 

إن تجارب هذا الأسبوع قد تنقلنا من "التحديد" (وهو بالطبع المكان الذى نبدأ منه) إلى مستوى أعمق من "التجربة" و "التواصل" مع طاقة الحياة وحكمتها؛ وهي طريقة لنكون "فى شراكة مع الحياة" حولنا وداخلنا.

نفس عميق ...

 

لازال هناك المزيد لنتعلّمه كلّما تقدّمنا في دورة التراحم...

 

تجربة عملية 

"موت جايمى وهاربو"

قمت بتربية كلبين على مدار حياتي، وقد مات الاثنان، شأنهم شأن الكلاب جميعًا. عاصرت موتهما بصورة مختلفة؛ إذ ماتت كلبتي الأولى جايمي بينما كنت غير مستعد، أو قادر على الشعور بمشاعري أو اتخاذها كمرشد بصورة تامة، ومات كلبي الثاني هاربو بينما كنت على تواصل أكبر مع طاقة حياتي.

 

جايمى

كانت حياة كلبتى تشارف على الانتهاء منذ ١٣ عامًا، حيث كانت تعانى فشلاً كلويًا وتتألّم ألمًا فظيعًا. كنت حينها مشغولاً فى عملي كعالم و مهندس؛ لذا أودعتها عيادة طبيب بيطرى لأتعرف على حالتها وما يمكننا عمله لمساعدتها.

كنت فى مكتبي بالعمل عندما اتصل د. فاين. شرح لي أن جايمي تعاني ألمًا فظيعًا، وأنه لا يعتقد أن الأمور ستتحسن، وسألني عمّا أريد فعله.

 

كنت أعرف أن الدكتور يلمح لي بأن أضع نهاية لعذابها، وبدأت رأسي تدور بمجرد التفكير فى هذا الأمر. شعرت بموجة من المشاعر تجتاحني؛ بدأت أرتبك، و أُصبت برعشة. شعرت برغبة شديدة فى مقاومة هذه المشاعر التي غمرتني. تكلّمت بصوت مرتعش قائلًا: "أظن أننا علينا أن ننهي معاناتها".

 

أجابني قائلًا: "أعتقد أن هذا هو التصرف الإنساني المناسب. هل ترغب أن تكون بجانبها؟". هذه الفكرة كانت غير مُحتمَلة بالنسبة لي. كنت مُرتعِبًا من فكرة أن أكون شاهدًا على موت صديقتي الصغيرة. بشيءٍ من الخوف والذعر أجبت: "لا بأس. يمكنك الشروع في ذلك".


مازلت إلى يومنا هذا نادمًا على هذا القرار. أتفهم أن علاقتي بمشاعري هي ما جعلت حضوري اللحظات الأخيرة من حياة جايمي مستحيلا.ً فى خضَمّ خوفي وذعري، تجنبت لحظة لا يمكن استرجاعها! بالرغم من تراحمي مع وضعي وقتها، كنت أتمنى أن أكون على "تناغم" أكثر مع الطاقات التي كانت تمنحني إياها الحياة وقتها.

 

هاربو

فى الصيف الماضي، كان كلبي الثاني هاربو يعاني من ورم سرطاني كان يواصل الظهور عقب إجراء عمليتين.

بعد عدة أسابيع من العملية الثانية، اصطحبت هاربو إلى طبيبنا البيطري الجديد د. داسارو، الذى قال لي: "الوضع لا يبدو مبشرًا". بمجرد نطقه بهذه الكلمات، شعرت بالحزن يزداد عمقًا بداخلي. كانت حياة هاربو تقترب من نهايتها.

 

لقد كان هناك شيء مختلف هذه المرة. لم "يتغلب" عليّ هذا الحزن. كنت غارقًا فيه. لم يكن "عدوّي" أو شيئًا أخشاه، بل كان رسالة: لقد تعلمت أن أحب رفيقي الصغير ومعلّمي. حزني كان رسالة حب واهتمام وصداقة.

 

و من موقع الحزن والحب هذا (وليس الخوف مثل تجربتي السابقة مع جايمي)، كنت قادرًا على مجابهة احتياجاتي واحتياجات هاربو معًا. تكلمت: "كم من الوقت سيعيش؟". أجابني د. داسارو: "ربما شهرًا أو ثلاثة أشهر".

كل ما كنت أفكر فيه هو كيفية تخطي هذا بطريقة تراعي احتياجاتنا. "فبماذا نفكر؟" فقاطعني "سوف تعرف".

كان محقًا. على مدار الأسابيع اللاحقة رأيت حالة هاربو تسوء. كثيرًا ما كنت أبكي وأحتضنه إذ كان يواسيني فى ألمي. بعد شهرين فقد هاربو القدرة على هضم الطعام والمشي. عيناه كانت تقول أنه مستعد. هذه المرة كنت على اتصال كامل بمشاعري التي كانت ترشدني لاحتياجاتنا. أدركت تمامًا ما يجب فعله.

 

هاتفت د. داسارو، وبصوت ممزوج بالدموع قلت له متلعثمًا: "هل يمكنك الحضور إلىَ هنا؟ لا أريد أن يموت هاربو فى مكان غريب". أجابني بنبرة دافئة: "بكل تأكيد".

قضيت الساعتين اللاحقتين فى تواصل خالص مع صديقي الصغير الذي يحتضر. احتضنته وربتّ على رأسه، بينما ننظر إلى بعضنا البعض. لم يكن هناك خوف، فقط حزن، وحداد و حب. عندما حضر الفريق الطبي إلى المنزل، لم يكن ذلك يسيرًا علي إطلاقًا. ولكن تواصلي مع الحياة، علاقتي بهذا الألم هما ما ساعداني على تخطّي تلك اللحظة شديدة الصعوبة والحزن والحب.

بينما كانت يدي تضمّ رأسه ناحيتي، اجتزنا موته سويًا. "ها نحن ذا يا صديقي الصغير. ها نحن ذا". لا خوف... فقط حزن شديد وحب.

 

لولا قدرتي على التعرف بمشاعري والبقاء على تواصل مع احتياجاتي واحتياجات هاربو، لما أمكنني خوض هذه التجربة الحزينة والجميلة في آن واحد. كلّما أتذكر تلك اللحظة تدمع عيناي، وأصاب بغصّة في حلقي. لازلت أذكرها بكل وضوح. إنها لحظة لن أنساها ولن أندم عليها ماحييت؛ لحظة من التواصل الخالص مع الحياة، حتى في الموت.

 

تدريبات هذا الأسبوع

التدريب # ١ راجع و جدد– أعد قراءة الأسبوع الثالث والسابع.

اضغط هنا للذهاب إلى الأسبوع الثالث.

اضغط هنا للذهاب إلى الأسبوع السابع.

 

التدريب # ٢ –اشعر بمشاعرك (راجع الأسبوع السابع) فكر فى موقف مررت به فى حياتك حيث شعرت بدرجة عالية من الألم. لاحظ هذا الشعور. اشعر به. ابقَ معه لعدة لحظات. فقط لاحظه واشعر به. ابقَ معه.

يمكنك ملاحظة أنك تحكم على هذا الشعور أوتتجنبه أو تتفاداه. لاحظ ما يحدث... قم بتدوينه... عد إلى الشعور بمشاعرك. جرب هذا من دقيقتين إلى خمس دقائق.

يُعد هذا التدريب طريقة فعالة لنرى كيف نفكر بخصوص مشاعرنا. كما أنها فرصة لتعميق علاقتنا بها وبأنفسنا مع مرور الوقت. فى الوقت الراهن، لاحظ فقط ما يحدث فى الأيام المقبلة. مع مرور الوقت، شارك بأى تجارب هامة على مجموعة الفيس بوك.

 

التدريب # ٣ جسّد احتياجًا – قد تحتاج مكانًا هادئًا وبعض الوقت للقيام بهذا التدريب. ابدأ بالذهاب إلى قائمة الاحتياجات وابحث فيها عن احتياج مهم بالنسبة لك، ربما احتياج تود تلبيته.

بعد ذلك استلقي فى مكان مريح. أغمض عينيك. راقب تنفّسك.

الآن، تذكر وقتًا تم فيه تلبية هذا الاحتياج. "أعد معايشة" هذه التجربة فى ذهنك. تذكّر أين كنت، من كان حاضرًا، ماذا كان يحدث... تذكّر كيف كان شعورك. إهدأ. أعد استرجاع هذه اللحظة مرارًا وتكرارًا فى ذهنك. دع الشعور بهذه التجربة يتسرّب إلى جسدك. تمتع بهذه اللحظة، وهذه الذكرى وهذا الشعور.

عندما تشعر بالاكتفاء أو "الانتهاء" من هذا التدريب، افتح عينيك. لاحظ ما يحدث بداخلك وأنت تفكر بهذا الاحتياج.

شارك تجربتك على مجموعة الفيس بوك .

 

موارد المجتمع

تسجيل المكالمات

 

مواعيد المكالمات الشهرية: اكتوبر ٢١- نوفمبر ١٨- ديسمبر ١٦ - يناير٢٠ - فبراير ١٧- مارس ١٦- ابريل ٢٠ - مايو ١٨ - يونيو ١٥ - يوليو ٢٠ - اغسطس ١٧ - سبتمبر ٢١

 

للتبرع 

جميع العاملين على دورة التراحم باللغة العربية هم متطوعون بوقتهم و مجهوداتهم حتى نستطيع تقديم الدورة مجانا لكل من يرغب. ولكننا لا نستطيع تغطية نفقات الدورة واستمرار ادارتها وتقديمها للآخرين في جميع أنحاء العالم بدون تبرعاتكم. أي مبلغ ولو بسيط يساعدنا بشكل كبير على البقاء واستمرار الخدمات، حيث أن نشاطنا قائم على التبرعات. للتبرع بأي مبلغ اضغط هنا.

 

مراجع الصفحات والتدريبات

تدريب "التحول نحو التراحم"

قائمتي المشاعر والاحتياجات

 

الدروس السابقة

الأسبوع الأول، الأسبوع الثاني، الأسبوع الثالث، الأسبوع الرابع، الأسبوع الخامس،  الأسبوع السادس،  الأسبوع السابع، الأسبوع الثامن، الأسبوع التاسع، الأسبوع العاشر،  الأسبوع الحادي عشر، 

الأسبوع الثاني عشر، الأسبوع الثالث عشر، الأسبوع الرابع عشر، الأسبوع الخامس عشر، الأسبوع السادس عشر، 

الأسبوع السابع عشر، الأسبوع  الثامن عشر، الأسبوع التاسع عشر، الأسبوع العشرون، الأسبوع الحادي والعشرون، الأسبوع الثاني والعشرون،  الأسبوع الثالث والعشرون، الأسبوع الرابع والعشرون، الأسبوع الخامس والعشرون، الأسبوع السادس والعشرون، الأسبوع السابع والعشرون 

مجموعة الفيسبوك

 

 

للاتصال: arabic_coordinator@nycnvc.org

 

حقوق النشر محفوظة – توم بوند ٢٠١٦

 

bottom of page